29 - 05 - 2025

ولا يزال وأد الإنسانية مستمرا | "نناديكم وقد كثر النحيب... نناديكم فهل من مجيب"

ولا يزال وأد  الإنسانية مستمرا |

بداية نذكر بقول الله تعالى: (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون)، ونذكر بحديث للنبي صلى الله عليه وسلم ما معناه ، لا يزال فريق من أمتى مرابطون على الحق لا يضرهم من خذلهم.

ونذكر بيتا من الشعر لأحد الشعراء يقول فيه: نناديكم وقد كثر النحيب ، نناديكم فهل من مجيب.!

حرب ضروس قاربت على العامين منذ اندلاعها فى السابع من أكتوبر 2023، حرب غير متكافئة الأطراف ، حرب بين الحق والباطل ، بين أصحاب الأرض وبين مغتصب محتل مستوطن مجموع من الشتات ، (جماعة اللقطاء)، لا وطن لهم ، لا دين لهم ، لا يرقبون في مؤمن إلًا ولا ذمة ، خانوا العهود ، قتلوا الأنبياء، عاثوا فى الأرض فسادا فأهلكوا الحرث والنسل، والله رؤوف بالعباد

صور لهم خيالهم المريض وبروتوكولاتهم العفنة أنهم شعب الله المختار، وأنهم أسياد الأرض وأن مملكتهم ستقوم وستمتد من النيل إلى الفرات، فبانت نواياهم الحقيرة واتضحت معالم مؤامراتهم المرذولة، بل وكشف بنو جلدتهم ألاعيبهم الشيطانية الماكرة (الصراع ليس صراعا حدوديا وإنما صراعا وجوديا)، يكونوا أو لا يكونوا .

أن تتحقق طموحاتهم المتمثلة فى السيادة والسيطرة متستترين خلف هيكلهم المزعوم الذين يخفون خلفه وخلف ما يعتقدونه دينا صحيحاً هو مأربهم السياسي وخير شاهد على ذلك ، الصراع السياسي الدائر الآن في تل أبيب ، والمظاهرات التي تجوب شوارعها ، والنزاعات داخل الكنيست الإسرائيلي ، والاتهامات المتبادلة بينهم وحربهم الضروس ضد رئيس وزرائهم مطالبين باستقالته أو إقالته .

وتشبثه بمنصبه متخذا من القضاء على حماس وغزة ذريعة له للبقاء في الحكم، بل وأبعد من ذلك خشية أن يتعرض للمحاكمة التي بات شبحها قريبا جدا منه ، لاتهامه في قضايا فساد أو إلى جرجرة الكيان إلى مقتلة أصابت جيشه في صميمه أوشكت على هلاكه ، فالاستمرار في القتال ضمانة بقائه في السلطة وعدم المساس به ، أو ضمان خروج أمان له .

لذلك سعى سعيا حثيثا لإجهاض كل محاولات الهدنة والتهدئة فيقوم من خلال مفاوضات جهازه الاستخباراتي بإفشالها، وإجهاضها، ليس هذا وحسب بل وأدها في مهدها، وهذا ما جعل الوسطاء يسأمونه، وخير شاهد على ذلك خرقه لاتفاق الهدنة متذرعا بذريعة أعمال حماس الاستفزازية أثناء تسليم المحتجزين.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه ، إلى متى السكوت ، إلى متى هذا الصمت الذي يشبه صمت القبور ، إلى متى الكيل بمكيالين ، إلى متى التماس الأعذار لهؤلاء ، إلى متى وصفهم بالمقهورين ، إلى متى تستمر نغمة ، من حقهم الحياة ، من حقهم وطن يعيشون فيه في سلام .

نحن لا نرفض السلام ، لكن سلام يقوم على أشلاء الأطفال والشيوخ والعجائز ، سلام يقوم على الجنائز ، سلام يقوم على ألاف الأطنان من المتفجرات التي تلقى على رؤوس النساء فتهدم البيوت وتأتي على الأخضر واليابس ، سلام يقوم على سياسة الطرد والتهجير القسري، سلام يقوم على تجويع الأطفال وموتهم جوعا وعطشا !!

 ما لكم كيف تحكمون أيها المأفونون ، تتهمون المدافعين عن أوطانهم المرابطين على ثغورهم ، العاكفين ، الراكعين ، الساجدين ، في باحات وساحات المسجد الأقصى المبارك ، تتهمونهم بالإرهاب.

قد تكون فلسفات الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية والمساواة والعقد الإجتماعي عند فلاسفة الحرية، أمثال جان جاك روسو وكانط ومشروعه الدائم للسلام العالمي وميشيل فوكو وجادنر قد أتت بنتائج طيبة عند الشعوب الغربية، فوجدنا المظاهرات تجوب بلاد الغرب رافعة شعارات مناهضة للعنصرية وللابادة الجماعية التي يتعرض لها أهل غزة.

لكن لم تأت بثمار طيبة وذهبت وقبرت مع أصحابها عن حكام هذا الغرب الآثمين الغارقين في خطاياهم ،  من منبت شعر رؤوسهم إلى أخمص أقدامهم ، التي أغرقتهم السياسة في بحورها الغريقة فانقادوا خلف الشيطان الأعظم آباهم الذي هناك ، القابع تحت القبة البيضاء الذي لا يتحرك من تلقاء نفسه بل تقوده عصا غليظة متمثلة في الكتلة الصهيونية في كونجرسهم ومجلس شيوخهم المشؤوم.

حتى قوانين توماس هوبز الأخلاقية ضربوا بها عرض الحائط ، ألم يتحدث هوبز عن قوانين نشر السلام ، والتسامح والوفاء بالعهود ، أين هؤلاء الحكام من هذه القوانين ، يبدو أنهم أخذوا ما راق لهم من فلسفة هوبز وتركوا الباقي ، أخذوا فكرة الهمجية وشريعة الغاب وأن الإنسان ذئب لأخيه الإنسان وبنوا عليها ، فبات القوي يستأسد على الضعيف، فراحوا يجيشون الجيوش ضد شعب أعزل ضعيف ، صنع بندقيته من قوته الذي يقتات به الأطفال.

لماذا ؟!

ليضربوا في اتجاهين أولهما ، بسط هيمنتهم على الشرق الأوسط بل وبات من مصلحتهم أن تظل الحرب مستعرة، ففي حل الدولتين وأد لمخططاتهم مستخدمين الصهاينة لتنفيذ هذا المخطط التقسيمي ، أو ما يطلقون عليه شرق أوسط جديد.

أما الاتجاه الثاني، بيع الأسلحة المنتجة حديثا لتجربتها فأصبح الشعب الأعزل فئران تجارب ، وبيع الأسلحة القديمة التي أوشكت على الصدأ لمن يدفع ، وللأسف وقعنا نحن العرب فريسة في هذه الشراك.

إن هذه الحرب المجنونة على قطاع غزة وما حواليه لن يوقفها أحد من هؤلاء المنتفعين ، وإنما لن يوقفها إلا نحن ، فما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة ، فأفيقوا أيها العرب وتحركوا قبل فوات الأوان ، فبالأمس كانت العراق قوة عظمي وانهارت العراق ، ثم سوريا ، ثم فتن كقطع الليل المظلم فى السودان فأصبح الأخ يقتل أخاه بسلاح يشتريه من العدو الحقيقي.

وها هي المخططات والمؤامرات تدبر بليل لمصرنا الحبيبة وأذرعهم يحركها الشيطان الذي يريد جرنا إلى حرب لا يعلم نهايتها إلا الله ، بل سيظل هذا العدو ينفث سمومه ليظل هو المهيمن والمسيطر وخير شاهد على ذلك القواعد العسكرية التى ملأت بلداننا العربية، أما سأل أحدنا نفسه لماذا هي موجودة ، حتى تضمن الولاء لأباهم الذي هناك ، والبراء من كل من يشذ عنهم ويخرج عليهم.

فيا أيها العرب أفيقوا من سباتكم قبل فوات الأوان، فقوتكم وثرواتكم المادية والبشرية لا يستهان بها ، فإذا ما اتحدتم فستكونون قوة رادعة ولن يقف في وجهكم أحد.

الفرصة لا تزال سانحة لكم ، اتحدوا واتركوا التشرذم والتفرق واجعلوا قضية أمتكم العربية فوق كراسيكم ومملكاتكم وسلطناتكم.

وقتها ووقتها فقط، سيحسب العدو لكم ألف حساب قبل أن يقترب منكم ، فحركوا الدماء التي تجري في عروقكم واجعلوها وقودا لانتفاضتكم من أجل نصرة دين الله القائل (ولينصرن الله من ينصره).
--------------------------------------
بقلم: د. عادل القليعي
* أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

مقالات اخرى للكاتب

ولا يزال وأد  الإنسانية مستمرا |